أحداث وقعت في شهر محرم فاتح السنة الهجرية

من المعلوم أن شهر محرم هو بداية السنة الهجرية، و التقويم الإسلامي القمري الذي أقامه لأول مرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بإشارة من عثمان بن عفان رضي الله عنهما تخليدا لبدء نشأة الدولة الإسلامية التي بدأت يوم هاجر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة إلى المدينة و لتبدأ البشرية مرحلة جديدة ومختلفة تماما عما كانت عليه من ضلال و ظلم وعمه .
      والمحرّم سمي بهذا الاسم لكونه شهرا محرّما، فهو أحد الأشهر الحُرُم الأربعة، وهي التي لا يستحلّ فيها المسلمون القتال، قال الله فيها : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كما يقتلونكم كافة واعلموا ان الله مع المتقين ( سورة التوبة 36).
   

  ومن أبرز الأحداث التي وقعت في هذا الشهر العظيم : 
 
*حصار الشِّعب*
 
في شهر المحرم من السنة السابعة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، رأت قريش أنْ تُطور من وسائل ضغطها على بني هاشم ليتراجعوا عن حمايته، فاجتمع سادتها على أن لا يبيعوا بني هاشم شيئا، ولا يبتاعوا منهم، ولا يتزوجوا منهم ولا يزوجوهم ولا يزوروهم ولا يسمحوا لهم بزيارتهم، وأودعوا ذلك في صحيفة تم تعليقها داخل الكعبة، تعظيما لأمرها وتحذيرا من مخالفة ما جاء فيها.
وقد بقي بنو هاشم محاصرين فيما يعرف بشعب بني هاشم أو شعب أبي طالب، مدة دون ثلاث سنين بقليل، إلى أن انبرى لنقضها خمسة من سادة قريش، فبذلوا جهودهم حتى مزقوا تلك الصحيفة الظالمة وعاد بنو هاشم إلى ما كانوا عليه قبل كتابتها.

*تغيير القبلة*

في الثامن عشر من محرم عام ۲ هجري، وبينما كان رسول الله(ص) يصلي في مسجد بني سلمة صلاة الظهر، نزل الوحي عليه بتغيير القبلة من المسجد الاقصى في القدس الى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولنيك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون» (البقرة/۱٤٤) وكانت نتيجة ذلك القطيعة التامة بين المسلمين واليهود، حيث كان اليهود يقللون من شأن المسلمين بسبب عدم استقلالهم في القبلة وتوجههم نحو القدس التي كانوا هم ايضا يستقبلونها في صلواتهم
وفيه أيضا ولي ابوبكرالصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد قيادة جيوش المسلمين في الشام خلفا لأبي عبيدة رضي الله عنهما حيث تتالت على يده الانتصا

*معركة القادسية*

وفيه وقعت معركة القادسية في العراق بقيادة سعد بن أبي وقاص قائد جيش المسلمين في مواجهة جيوش الفرس بقيادة رستم واستمرت ثلاثة أيام انتهت بهزيمة المشركين شر هزيمة رغم تفوقهم في العدد و العتاد .

 
*غزوة خيبر*
 
• في شهر محرم من السنة السابعة للهجرة رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن من مصلحة الدعوة القضاء على شوكة يهود خيبر قضاءا تاما لا تقوم لهم بعده في بلاد العرب قائمة ، وقد كانت لهم حصون منيعة وأموال وثروات طائلة يرصدونها لمنع انتشار الدعوة وهم أهل الصد عن سبيل الله والحقد والمكر والخداع .
وكان قبل ذلك بسبع عشرة ليلة قد صالح قريشا في صلح الحديبة ، تميهدا رائعا لهذا المشروع تأمن به المدينة غدر الجنوب.
فانطلق رسول الله صل الله عليه وسلم في 1600 رجل و 20 امرأة لمداواة المرضى وإسعاف الجرحى وتقديم الشراب والطعام أثناء القتال، وكان قد استخلف على المدينة نميلة بن عبد ألليثي. 
 فنزل الجيش في الرجيع ليحول بين خيبر وغطفان.
وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه خير قرية خيبر ويستعيذ من شرها فالدعوة دعوة ربانية قال تعالى {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} فكان يكرر  الله اكبر خربت خيبر خربت خيبر. كنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصونهم وبعد سبعة أيام من الكر والفر قال رسول الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا عبدا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه وهو أرمد فتفل في عينه ثم قال : خذ الراية وامض حتى يفتح الله لك ، فما رجع حتى فتح الله عليه وأصاب اليهود ذعر شديد وقد قذف الله الرعب في قلوبهم و رأوا الضربات تفلق هام الرجال ، ومات الكثير من قوادهم وأيقنوا بالهلكة، عندها سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح فصالحهم بعد أن غنم المسلمون المال الكثير والسلاح الوفير .
وسمع أهل فدك بهزيمة أهل خيبرة وهي قرية يهودية بالقرب من خيبر و بها قوم من بني مرة وقوم من بني سعد بن بكر فارتضوا التنازل عن نصف أموالهم من غير قتال ، فكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الصحابة لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب.
وبعث أهل تيماء حين لم يبق غيرهم من اليهود يطلبون الصلح دون قتال ، فوافقهم مقابل جزية يدفعونها كل عام 
 وفي هذه الغزوة أهدت امرأة سلام بن مشكم اليهودي زينب بنت الحارث شاة مصلية للنبي صلى الله عليه وسلم فلما نهش من ذراعها قال إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم .
وفي هذه الغزوة أيضا قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الحبشة يوم فتح خيبر فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه والتزامه "وقال ما أدرى  بأيهما أنا اسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر .
وفي هذه الغزوة أيضا طلب النبي صلىالله عليه وسلم من يكلأ لهم الفجر وقد نزل في السحر فقال بلال أنا لها فلم يوقظهم إلا مس الشمس فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها) فإن الله تبارك وتعالا يقول {أقم الصلاة لذكري} وقد اختلف الفقهاء هل صلى رسول الله صل الله عليه وسلم يومئذ قبل صلاة الصبح ركعتين فقال مالك ما بلغني أن رسول الله صىالله عليه وسلم صلى يوم الوادي قبل الفريضة صلى ركعتين وقال أشهب بلغني أن رسول الله صل الله عليه وسلم صلى يوم الوادي قبل الفريضة صلى ركعتين .
ومن نتائج غزوة خيبر كذلك أن قريشا أصابها الذهول فلم تقتنع أن تنهار خيبر بهذه السرعة وهي على ماهي عليه من التحصين والمنعة ولعل ذلك مما جعل رسول الله صل الله عليه وسلم لا يدري بأيهما يسر قدوم جعفر أم بفتح خيبر فكان فتح خيبر وما جاورها منعرجا في التاريخ له ما بعده وإن لم يستغرق غير شهر ونصف من الزمن .
 
*إرسال الرسائل إلى ملوك العالم*
 
وفي المحرم من السنة السابعة بعث النبي صلى الله عليه وسلم الرسلَ إلى قادة العالم، فقد كتب إلى خمسة عشر ملكا رسائل يدعوهم فيها إلى الإسلام ويرغبهم في ما عند الله.
ولم يتعرض لسوء من رسله صلى الله عليه وسلم إلا اثنان، أحدهما الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه حيث بعثه النبي إلى ملك الشام ببصرى، وفي الطريق إليه لقيه شرحبيل بن عمرو الغساني فلما علم أنه من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اعتدى عليه وقتله، والثاني عبد الله بن حذافة السهمي الذي أرسله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الفرس كسرى أبرويز، فغضب كسرى من وجود اسم محمد صلى الله عليه وسلم في الرسالة قبل اسمه هو، ومزق الرسالة، ورجع عبد الله إلى المدينة، ولما علم النبي بما فعل كسرى قال: مزَّق الله ملكه، وهي الدعوة التي تحققت بالفعل في وقت وجيز.

*تولية عثمان رضي الله عنه*
 
في أول أيام المحرم من السنة الهجرية 24 وبعد صلاة الصبح تشهد عبد الرحمن بن عوف وقال: نظرت في أمر الناس ثلاثا فلم أراهم يعدلون بعثمان فبايعه وبايعه علي وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد وذلك عقب استشهاد الفاروق عمر ابن الخطاب صبيحة الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة .
ورغم ما كان يعانيه عمر من آلام الجراح البالغة فقد استطاع في تلك اللحظات الحرجة أن يبتكر طريقة جديدة في اختيار الخليفة 
فحصر الشورى في ستة من الصحابة مشهود لهم بالجنة وتوفي رسول الله صل الله عليه وسلم عنهم راض ، وحدد لهم طريقة الانتخاب ومدته وعدد الأصوات الكافية وحدد الحكم في المجلس عند الخلاف والمرجع إن تعادلت الأصوات وأمر مجموعة من الجند لمراقبة سير الانتخابات وعقاب من يخالف أمر الجماعة وعين إماما للصلاة حتى لا يؤم الصلاة أحد المرشحين .
فيكون بذلك عمر رضي الله عنه بهذه النظرية قد جمع بين التعين كما فعل أبو بكر رضي الله عنه وعدم التعين كما فعل رسول الله صل الله عليه وسلم.
وكان من أعظم مفاخر عثمان أن جمع الأمة على مصحف واحد وكان أصدق الأمة حياءا وقد قال النبي صل الله عليه وسلم في حقه ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة .رواه مسلم 
 وجهز جيش العسرة وحفر بئر أرومة وغيرها من فضائل عثمان كثير.
 
*اشتشهاد الحسين رضي الله عنه*
 
• وفي يوم الجمعة عشرة محرم سنة واحد وستين قتل الحسين بن علي رضي الله عنه.

31 July 2022